samedi 3 février 2024

دقّت ساعة النظام النقدي في لبنان: وقف الترقيع وقبول الخيار العلمي Wednesday, 19-Jul-2023

https://www.aljoumhouria.com/ar/news/687321/%D8%AF%D9%82%D8%AA-%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%82%D9%8A%D8%B9-%D9%88%D9%82%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A?utm_source=editor&utm_medium=web&utm_campaign=listnews 

دقّت ساعة النظام النقدي في لبنان:

وقف الترقيع وقبول الخيار العلمي

 

د. سهام رزق الله (بروفسورة في كلية العلوم الإقتصادية – جامعة القديس يوسف)

عندما يبلغ الوضع قعر الهاوية تصبح كل الخيارات مكلفة وينحصر البحث عن الخيار الأكثر فعالية واستدامة والأقل كلفة على الاقتصاد والناس والمبني على أسس علمية تسمح لمن يطرحها بشرحها بشفافية والدفاع عنها وتحمّل مسؤوليتها.. من هنا يبدأ السعي لنظام نقدي جديد مبني على أسس علمية بالاقتصاد وليس على بهلوانيات السوق والهندسات السابقة... اذا كان لا بد من تحميل نواب حاكم مصرف لبنان مسؤولية إدارة البنك المركزي للمرحلة القادمة، فالمطلوب وقف القلق من خيارهم العلمي بالخروج من الرقم الاصطناعي لسعر الصرف والقبول بالسعر الذي يعكس حقيقة السوق ويحدد سعر مرجعي لنظام نقدي جديد فعليا لا وهميا! مهما كانت كلفة المرحلة الانتقالية اليوم فهي حتما اقل من كلفة تأجيل العملية إلى الغد.. طالما الخطوة لا بد منها للخروج من المأزق المتشعب عبر البوابة النقدية بشرط مواكبتها باقرار الكابيتال كونترول والإصلاح المالي الذي يضبط مالية الدولة ويحد من لجوئها للمصرف المركزي لطباعة الليرة او استنزاف باقي احتياطي الدولار لتمويلها.. فكيف تبدو الصورة علميا وعمليا؟ وكيف تقدّم فرصة لتصحيح المسار؟

*****************************

أما وقد استنزفت على حد سواء مهل الإصلاح واحتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية وإمكانية الاستمرار بنظام ربط الليرة باللبنانية بالدولار الأميركي والذي لم يحقّق يوما أي تراجع بمستوى الدولرة التي لم تنخفض عن حدود ال70% حتى في ظل تثبيت سعر الصرف طيلة 22 عام ليعاود حاليا التحليق لأكثر من 85% مستعيدا معدّله إبان أزمة الثمانينات ولكن هذه المرة بعد دولرة جزء من الدين العام والعجز عن سداده ومع فقدان القدرة على استخدام ودائع الناس بالعملات الأجنبية في المصارف ومع تنامي سوق قطاع موازي يتأمل المصرف المركزي ضبطه مع وقف الهندسات والبهلوانيات في التدخّل المتوصل عبر منصة صيرفة التي زادت أسعار الصرف بدل توحيدها...

طبعا يبقى للاقتصادات المدولرة جزئيا وال"مدمنة على الدولرة" مثل لبنان منذ أرنعين سنة خصوصية تجعل من الضروري بعد فترة انتقالية والتوصّل الى سعر صرف فعلي يعكس حقفيقة السوق، اعتماده كسعر مرجعية للانتقال الى نظكام الربط الصارم (مجلس نقد أو دولرة رسمية شاملة). ولكن قبل ذلك، لا بد من إنجاح العودة عن ربط عملة وطنية بعملة أجنبية وإعادة تحرير تسعيرها في السوق بعد فترة تثبيت والحدّ من تدخّل المصرف المركزي واستنزاف باقي احتياطاته الالزامية المتبقية من ودائع الناس.

 وتدخّل مركزي في سوق القطع له شروط بارزة تبدأ بتأمين التوقيت المناسب المتزامن مع صدمة إيجابية تجعل من هذا الخيار نتيجة تلقائية مطمئنة الى ثبات سعر الصرف دون الحاجة لتثبيته بتدخلات منتظمة في سوق القطع..ولا تنتهي بتوفّر عوامل مساعدة من مؤشرات إقتصادية مستقرّة تسمح بإعادة التعويم السلس دون إثارة أي قلق أو بلبلة في الأسواق ودون إفساح مجال للمضاربة أو التلاعب بالأسعار لتسجيل الأرباح من فروقات العملة والتأثير الإقتصادي والنفسي من تقلّب التوقّعات... وأساس النجاح دائما مرتبط بحرية الاختيار والتوقيت للانتقال نحو تعويم العملة وليس الاضطرار على التعويم نظرا لفقدان إمكانية المحافظة على التثبيت لأن الثبات يحتاج أولا الى الثقة والطمأنينة لقدرة السلطة النقدية على الحفاظ على الاستقرار النقدي ودور العملة الوطنية في تحديد الأسعار وتأمين التبادل التجاري والمحافظة على قدرتها الشرائية... الأمر الذي لا يمكن أن يكون على عاتق المصرف المركزي وحده كلاعب وحيد منذ انفجار الأزمة بل يتطلّب تحمّل المالية العامة مسؤوليتها في الإصلاح ووقف اللجوء الى البنك المركزي ان لطبع الليرة اللبنانية وان لطلب استخدام المزيد من احتياطي الدولار، ويستدعي تحمّل السلطة السياسية مسؤوليتها في إقرار كابيتا كونترول يبرمج علاقة الناس بالمصارف وحجم السيولة المقبول سحبه والتداول به...

وقد قامت بعض البلدان بالانتقال من نظام سعر الصرف الثابت إلى نظام سعر الصرف المرن بشكل تدريجي وسلس، حيث تبنت أنواعًا من أنظمة أسعار الصرف المتحرّك بهوامش معتدلة ، والأنظمة الأفقية والزاحفة ، والأنظمة العائمة والمُدارة بانتظام - قبل السماح للعملة بالتعويم بحرية. فيما كانت التحولات الأخرى فوضوية ، أي أنها تتميز بانخفاض حاد في قيمة العملة.

تشير تجارب البلدان إلى أن هناك حاجة إلى أربعة مكونات بشكل عام من أجل الانتقال الناجح إلى مرونة سعر الصرف:

سوق عملات أجنبية يتمتّع بالعمق والسيولة

سياسة متماسكة تحكم تدخل البنك المركزي في سوق الصرف الأجنبي (ممارسة شراء أو بيع العملة المحلية للتأثير على سعرها أو سعر صرفها).

أنظمة هوامش سعرية اسمية معتدلة بديلة مناسبة لتحل محل سعر الصرف الثابت.

أنظمة فعالة لمراجعة وإدارة تعرض القطاعين العام والخاص لمخاطر العملة.

يختلف التوقيت والأولوية الممنوحة لكل مجال من هذه المناطق بشكل طبيعي من بلد إلى آخر حسب الظروف الأولية وهيكلية الاقتصاد وتطوير سوق الصرف الأجنبي...

يتطلب تطبيق نظام سعر الصرف المرن وجود سوق صرف أجنبي يتسم بالسيولة الكافية والفعالية للسماح لسعر الصرف بالاستجابة لقوى السوق ويحد من عدد ومدة فترات التقلب المفرط والانحرافات عن سعر الصرف المتوازن (المعدل الذي يتماشى مع الأساسيات الاقتصادية للبلد). ".

بشكل عام ، يتألف سوق القطع من سوق المصارف حيث تتم عمليات التداول الأساسية بين ممثلي الوسطاء المعتمدين (عادة المصارف والمؤسسات المالية الأخرى) مع بعضهم البعض ومع سوق التجزئة حيث يجري المكلّفون المعتمدون المعاملات مع العملاء النهائيين مثل الأسر والشركات.

وتُعرف سيولة السوق بهوامش عرض ضيقة نسبيًا ؛ انخفاض تكاليف المعاملات معدل دوران كافٍ للحد من تأثير التبادلات الفردية على الأسعار ؛ أنظمة التداول والمقاصة والتسوية التي تسهل التنفيذ السريع للأوامر ؛ ومجموعة واسعة من المشاركين الناشطين في السوق...

خطوات من شأنها أن تساعد أي دولة على تحسين عمق وسيولة سوق الصرف الأجنبي لديها:

السماح ببعض المرونة في سعر الصرف (على سبيل المثال ، ضمن نطاق تقلبات) لتحفيز نشاط الصرف الأجنبي... والعمل على تعزيز الإحساس بمخاطر سعر الصرف في اتجاهين - مخاطر ارتفاع قيمة العملة أو انخفاضها

 تقليص دور صانع القرار للبنك المركزي من خلال تقليص تبادلاته مع المصارف وتدخلاته لترك السوق للاعبين الآخرين في السوق. يجب ألا يتفاوض البنك المركزي مع العملاء غير الماليين.

زيادة معلومات السوق عن مصادر واستخدامات العملات وعن اتجاهات ميزان المدفوعات لتمكين المشاركين في السوق من تطوير وجهات نظر موثوقة حول سعر الصرف والسياسة النقدية وأسعار صرف العملات بشكل فعال.

ومن الضروري أن تكون للسلطات أيضًا أنظمة معلومات ومنصات التداول التي توفر عروضًا وعروضًا مقابلة في الوقت الفعلي في سوق ما بين البنوك.

إلغاء اللوائح التي تعيق نشاط السوق. قد تشمل الخطوات المهمة إلغاء متطلبات تحويل إيصالات النقد الأجنبي إلى البنك المركزي ، والضرائب والرسوم الإضافية على معاملات الصرف الأجنبي ، والقيود المفروضة على التجارة بين المصارف ؛ توحيد سوق الصرف الأجنبي المقسم ؛ وتخفيف القيود المفروضة على ضوابط رأس المال لإنعاش النشاط في سوق القطع. ومع ذلك ، يجب تخفيف ضوابط رأس المال تدريجياً ، توحيد وتبسيط تشريعات الصرف الأجنبي وتجنب التغييرات المتكررة في القوانين ، وذلك لتحسين شفافية السوق وتقليل تكاليف المعاملات.

تحسين البنية المجهرية للسوق من خلال تقليل تجزئة السوق ، وزيادة كفاءة وسطاء السوق وضمان تسوية موثوقة وفعالة للأنظمة.

علما أن تطوير وتعميق سوق القطع يكون يكون أكثر تعقيدًا عندما يضطر بلد ما إلى التخلي عن سياسة التثبيت وربط سعر الصرف تحت الضغط بحيث لا يكون لديه الوقت للاستعداد المنظم لتعويم العملة.

وبالتالي ، فإن السلطة التي تنتقل إلى نظام مرن يجب أن تصوغ سياسات بشأن أهداف وتوقيت ومقدار التدخلات.

علما أنه قد يصعب اكتشاف الاختلالات ولا يوجد إجماع على منهجية لتقدير توازن سعر الصرف. المؤشرات الأكثر استخدامًا - القيمة الاسمية وأسعار الصرف الفعلية الحقيقية والإنتاجية ومقاييس أخرى للقدرة التنافسية وشروط التبادل التجاري وميزان المدفوعات وفروق أسعار الفائدة وأسعار الصرف في السوق الموازية -وعادة ، لا يسمح ذلكلصانعي القرار بتقييم درجة الاختلال بدقة لمساعدتهم على تحديد توقيت وكمية التدخل.

وحتى عندما يكتشف صانعو السياسة اختلالًا في سعر الصرف أو تقلبًا مزعزعًا للاستقرار ، فقد لا يصحح تدخل البنك المركزي المشكلة دائمًا. إن الأدلة التجريبية على فعالية التدخل في التأثير على سعر الصرف مختلطة ، ويبدو تأثير التدخل على مستوى سعر الصرف قصير الأمد. أظهرت الدراسات التجريبية أيضًا أن التدخل يميل إلى زيادة تقلب سعر الصرف بدلاً من تقليله. وبالتالي ، فإن تقلبات أسعار الصرف قصيرة الأجل قد لا تبرر التدخل.

عند الانتقال الى تحرير سعر الصرف ثمة عوامل مخاطر ينبغي أخذها بالحسبان بالنسبة الى قيمة العملة الوطنية وفعالية السياسة النقدية.. بذلك يشكّل سعر الصرف مرأة لها مما يسمح بالإستنتاج أن لبنان سار بسعر الصرف عكس سير مخاطر البلاد والمؤشرات الاقتصادية ووضع الأصول الخارجية...

محددات مخاطر الدولة:

وفقًا للأدبيات الإقتصادية يرتبط مستوى الفارق بشكل إيجابي كبير بمؤشر الدين/الناتج القومي الإجمالي وخدمة الدين ، كما ترتبط بشكل سلبيً بنسبة الاحتياطيات الأجنبية/ الناتج القومي الإجمالي والميل إلى الاستثمار. كما يعتبر نمو الناتج المحلي الإجمالي ونمو الصادرات من المحددات الهامة، كذلك الملاءة المالية وحجم الدين العام.كذلك يتبيّن أن أنظمة أسعار الصرف المختلفة لها تأثيرات مختلفة على فرق الأسعار واحتمال إصدار سندات الخزينة في أوقات أزمة الديون، وتستمر سياسة العملة في التأثير على فرق الأسعار كما هناك صلة قوية بين أزمات العملة والتخلف عن السداد في البلدان النامية.

عندما تقوم دولة ما بالدولرة، يتم تحويل ديونها تلقائيًا إلى دولارات. قد تزداد مخاطر البلد التي كانت قائمة على الديون بالدولار حيث أصبحت الآن هي الخطر على ديون البلد ككل. ثانياً ، الدولرة ، وبدرجة أقل ، أنظمة مجالس العملة ، ترفض إمكانية تمويل نفسها من خلال التضخم.

الخلاصة، بعد مرور حوالي ثلاثة سنوات على سقوط نظام ربط سعر الصرف، من المستحيل الاستمرار بسعر صرف مصطنع معتمدا على تدخّ متواصل لمصرف لبنان وتعدّد أسعار الصرف التي زادتها صيرفة بدلا توحيدها.. تعويم سعر الصرف مع الدولرة المرتفعة التي تخطت اليوم 80% في لبنان خطر ولكن مؤقتا يمثّل إجراء اضطراريا لمعرفة حقيقة سعر صرف السوق...فهل يتم تأكيد تعويم سعر صرف الليرة نصا وتطبيقا أيا يكن مسار الدولار وتداعياته على الإقتصاد؟ أم نعود للتمييز بين النص والواقع؟ أم يٌعترَف بحقيقة الدولرة رسميا للحد من ازدوجية التعامل بعملتين؟

________________________

 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire