mercredi 28 novembre 2018

الريادة الإجتماعية بين الإبتكار الربحي والغاية التنموية

https://www.aljoumhouria.com/news/index/446690
الريادة الإجتماعية بين الإبتكار الربحي والغاية التنموية
د. سهام رزق الله
الثلاثاء 27 تشرين الثاني 2018
الريادة الاجتماعية مفهوم جديد يشقّ طريقه في صلب النقاش حول القطاع «الثالث» الصاعد المتمثّل بالإقتصاد الاجتماعي. فما هو تعريف هذا المفهوم؟ كيف يمكن إدراجه ضمن مكوّنات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني؟ ما هي ميزات هذه المؤسسات التي تنتمي إليه؟ وكيف تساهم في تحفيز الاقتصاد الاجتماعي كأحد أعمدته وأحدث مكوّناته؟ وبماذا تختلف عن سائر المؤسسات الخارجة عن إطار القطاع الثالث وماذا ينتظر تقدّمها؟
خلال السنوات العشر الماضية، اكتسب الابتكار الاجتماعي مكاناً متزايداً في عالم العمل وشقّت مؤسسات الريادة الاجتماعية طريقها الحديث بين سائر المكوّنات التقليدية للإقتصاد الاجتماعي التضامني من جمعيات/منظمات غير حكومية تعاونيات وصناديق تعاضد، ضمن الالتزام بمبادئه الأساسية ومع زيادة خصوصياتها وميزاتها.
علما أنّ الميزات التي يستند اليها الاقتصاد الاجتماعي التضامني التكافلي هي:
- أولاً: حرص واهتمام الاقتصاد الاجتماعي بمجالات خارجة عن العناصر الاقتصادية المباشرة (البيئة، الصحة، العدالة الاجتماعية…)
- ثانياً: رفض الفردية التنافسية التي يتّسم بها المجتمع الرأسمالي.
- ثالثاً: إدارة ذاتية لمكوّنات ومؤسّسات الاقتصاد الاجتماعي وانخراطها في المجالات الإنتاجية الأكثر ضعفاً وتهميشاً.
- رابعاً: المساهمة في دمج الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة أو الأكثر تهميشاً في الدورة الاقتصادية الاجتماعية الشاملة.
- خامساً: العدالة والمساواة بين الأفراد ضمن المجموعات كما بين المستهدفين في المشاريع والمستفيدين منها.
- سادساً: الحرية الفردية ولو ضمن روح التعاضد والتكامل في المؤسسات وبين المجموعات.
سابعاً: حرية الانتساب والانسحاب دون قيود.
ثامناً: الحوكمة الجيدة والشفافة.
تاسعاً: جعل غاية النشاط خدمة الإنسان وليس الربح الذي لا يمنّ توزيعه بل اعادة استثماره للغايات الاجتماعية نفسها.
عاشراً: الديمقراطية في اتّخاذ القرارات على اعتبار صوت لكل فرد وليس وفق قيمة الأسهم بين الأفراد.
السمات الأساسية المباشرة للريادة الاجتماعية فهي:
أولاً: تفكير غير تقليدي: تعبر عن محاولة إحداث تحوّل ثوري لمواجهة التحديات الاجتماعية.
ثانياً: تقديم حلول مستدامة: ينبغي أن تنطوي الريادة الاجتماعية على إستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، وتقديم حلول دائمة لمشكلات متأصّلة في المجتمع، ولا تكون مجرد حلول وقتية أو ذات أثر هامشي محدود.
ثالثاً: تحقيق الأثر الاجتماعي الإيجابي: تستلزم الريادة الاجتماعية إحداث أثر إجتماعي ملحوظ للمجتمعات التي عانت طويلاً من التهميش والحرمان من قبل الجهات الفاعلة ومؤسسات الدولة، وبالتالي يمكن قياس هذا الأثر بمقارنة حال هذا المجتمع قبل ظهور حلول مبدعة لمشكلاته المستعصية بما بعدها.
وتبقى ضرورة التمييز من جهة بين مؤسسات الريادة الاجتماعية والجمعيات من منطلق أنّ الأولى يمكنها الاستحصال على قروض مصرفية لتمويل إستثماراتها وليس على هبات، في حين أنّ الجمعيات والمنظمات غير الحكومية لا يمكنها الحصول على قروض بل على هبات وتمويل مباشر لمشاريعها ودعم من الدولة ومنظمات دولية بالاضافة الى مساهمات الأعضاء.
ويتميّز الابتكار الاجتماعي بالاستجابة لحالة اجتماعية تُعتبر غير مرضية. يعتقد الاقتصاد الاجتماعي أنه لا يمكن تحقيق هذه الحلول إلّا من خلال العمل الجماعي والتغيير المؤسّسي، بينما تدعم روح المبادرة الاجتماعية بشكل عام فكرة أنّ الأفراد - رجال الأعمال - يوفرون شرارة تسمح بحلّ المشكلات الاجتماعية.
ويتفّق الجميع على شرطين واضحين. يقوم الأوّل على أنّ الهدف الاجتماعي يجب أن يكون هدف شركة الريادة الاجتماعية، والثاني على أنّ نموذج عمل الشركة يجب أن يحقق لها الاستقلالية المالية.
وبالتالي، يقوم التعريف على توظيف الأدوات الريادية والتفكير الريادي في خدمة قضيّة اجتماعية (أو بيئيّة)، وذلك بضمان استدامة النشاط أي ضمان أثره.
ولأنّ هذه النوعية من المشاريع تحتاج للدعم والتشجيع، خصوصاً المشاريع المبتدئة أو الناشة منها؛ يبقى السؤال متى يتبلور الإطار التنظيمي الضروري لدعم وتحفيز هذه المبادرات لا سيما في ظلّ صعوبة القطاعين التقليديّين العام والخاص في الاستجابة وحيدَين الى الحاجات التنموية للمجتمع؟

samedi 24 novembre 2018

لبنان: الدين العام يتخطّى عتبة 150 في المئة من الناتج المحلي وفق تقرير البنك الدولي 10-11-2018


لبنان: الدين العام يتخطّى عتبة 150 في المئة من الناتج المحلي وفق تقرير البنك الدولي 
https://www.alquds.co.uk/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%8A%D8%AA%D8%AE%D8%B7%D9%91%D9%89-%D8%B9%D8%AA%D8%A8%D8%A9-150-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A6/?fbclid=IwAR20BsvbpGzXE0ZXip8dTvLAqHmRUhELY4C0cTwoXGJ1wF1n6ZnQiV6rzfE 
10 - نوفمبر - 2018
لبنان: الدين العام يتخطّى عتبة 150 في المئة من الناتج المحلي وفق تقرير البنك الدولي
ناديا الياس
 0
https://www.alquds.co.uk/wp-content/themes/alquds/img/minus-gray.svg https://www.alquds.co.uk/wp-content/themes/alquds/img/plus-gray.svgحجم الخط
بيروت-“القدس العربي”: كثرت التحذيرات الدولية حيال ما آلت إليه الأوضاع في البلاد التي تقترب من المأزق المالي والاقتصادي بسبب التدهور السريع الذي يطال سائر النشاطات والأعمال، ويؤّدي إلى استنزاف ما تبقى من طاقات وامكانات بشكل عام في ظلّ عرقلة تشكيل الحكومة والخطوات الإصلاحية واستمرار الأزمة السورية وتداعياتها على الاقتصاد، الأمر الذي ينذر بمستقبل قاتم للاقتصاد وهذا ما حذّر منه مؤّخراً البنك الدولي.
وعلى ضوء الانذارات التي وجّهها البنك الدولي والسياسات الاقتصادية والنقدية في لبنان، التقت “القدس العربي” الدكتورة سهام رزق الله الاستاذة المحاضرة في جامعة القديس يوسف كلية الاقتصاد، والمستشارة في السياسة النقدية والاقتصاد الاجتماعي التي قدّمت رؤيتها الاقتصادية الشاملة، وطالبت بتشكيل الحكومة سريعاً للحؤول دون التدهور الأخطر للوضع الاقتصادي للبلاد وتفويت فرصة الاستفادة من الصدمة الإيجابية التي وعد لبنان بها من مؤتمر “سيدر” كما حذّرت من خطورة التمادي في تأجيل الإصلاح الاقتصادي المنشود .
واستعرضت رزق الله “الوضع الاقتصادي الذي يشهد تراجعاً متزايداً منذ اندلاع الأزمة في سوريا، وقد تراجع معدّل نمّوه الاقتصادي من نحو 8 في المئة قبل الأزمة السورية إلى حدود 1 في المئة اليوم والمعروف أنّ التأثير الأساسي لأحداث سوريا على اقتصاد لبنان يكمن من ناحية في كون سوريا البوابة البرية الوحيدة للبنان نحو مختلف البلدان العربية إن كان لانتقال البضائع أو الأشخاص (أيّ للتجارة كما للسياحة وهما ركيزتا الاقتصاد اللبناني).
ومن ناحية أخرى نظراً للتكاليف المباشرة وغير المباشرة لأعداد النازحين السوريين إلى لبنان. إلا أنه لا يمكن تحميل الأزمة السورية المسؤولية الكاملة، وعلى الرغم من أهمية تأثيرها، إذ ثمة تعثّرات كبرى للاقتصاد اللبناني لاسيما بسبب أوضاع المالية العامة التي تلقي بأعبائها على النظام المصرفي ككل (مصرف لبنان والمصارف التجارية) وتزيد الترابط بينها من خلال عمليات الهندسات المالية المتلاحقة والناجحة حتى الآن في إدارة الأزمة والدفاع المستمر عن الاستقرار النقدي”.
وأكدّت رزق الله أنه “لا يمكن الاستمرار إلى ما لا نهاية في إدارة أزمة المالية العامة وفي تسجيل العجز المالي المتزايد والذي يزيد الدين العام أكثر من 7 في المئة سنوّياً في حين لا يزيد نمّو الاقتصاد أكثر من 1 في المئة سنوياً. لاسيما مع تزايد مستوى الفوائد وبالتالي خدمة الدين التي باتت تمتص أكثر من ثلث الناتج المحلي السنوي ويتخطى الدين العام عتبة 150 في المئة من الناتج المحلي وفق التقارير المحلية والدولية وآخرها نشرة تشرين الأول/اكتوبر 2018 للبنك الدولي”.
ورأت انه “لا يمكن الاستمرار في نقل الضغط من المالية العامة على الجهاز المصرفي المسؤول عن تمويل كامل الاقتصاد بما فيه القطاع الخاص وليس القطاع العام وحده، وبالتالي عندما تتوجّه حصة متزايدة من توظيفات المصارف بالليرة وبالدولار نحو تمويل الدولة وترتفع معدلات الفوائد على النحو الذي أصبحت عليه اليوم يصعب أكثر فأكثر حصول القطاعات الاقتصادية على التمويل الضروري للاستثمار الخاص” مشيرة في الوقت عينه إلى “أنّ هذا الاستثمار لا يتوقّف فقط على تأثير الأزمة السورية أو معدّل الفوائد المتزايد أيضاً من جراء المخاطر بل يتطلّب مناخاً استثمارياً إيجابياً يستلزم أولاً وسريعاً تشكيل حكومة اليوم قبل الغد”.
واعتبرت الدكتورة سهام رزق الله “أنّ تشكيل الحكومة اليوم لم يعد مطلباً سياسياً فقط لانتظام عمل المؤسسات إنما مطلباً اقتصادياً ملحّاً أيضاً للحؤول دون التدهور الأخطر للوضع الاقتصادي للبلاد وتفويت فرصة الاستفادة من الصدمة الإيجابية التي وعد لبنان بها من مؤتمر سيدر، والذي التزم خلاله بجملة إصلاحات فعلية تتطلّب تكاتف وتضامن لضبط الهدر وتحسين المالية العامة وتحريك العجلة الاقتصادية وخلق فرص العمل وكسر الحلقة المفرغة لتنامي المديونية العامة”.
وأكدّت في السياق عينه “أن الأوضاع الاجتماعيّة والمعيشية التي يشهدها لبنان لم تعد تحتمل تأجيل الملفات وإدارة الأزمات عبر تأخير انفجارها، بل تتطلّب معالجة جذرية لها على جميع المستويات خاصة وقد ارتفعت نسبة البطالة، لتتجاوز الـ25 في المئة وأكثر، وكذلك معدّلات الفقر وتراجع مؤشرات التنمية المستدامة في جميع الميادين”.
وتطرقت إلى تحذيرات البنك الدولي الأخيرة فقالت “يكفي النظر لمجرى تطوّر المؤشّرات الاقتصادية الواردة في منشورات البنك الدولي الأخيرة في الجدول لتبيان خطورة التمادي في تأجيل الإصلاح الاقتصادي المنشود والملحّ، والذي لا يمكن حصوله إلا مع تشكيل حكومة سريعاً والتضامن في معالجة الملفات الأساسية”.
وأكدت “أن تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية إلى الدولار الأمريكي والدفاع عن استقراره الدائم بات عنصر الثقة الأساسي، كي لا نقول الوحيد، في الاقتصاد اللبناني، وقد نجح المصرف المركزي في المحافظة عليه في أحلك التجارب التي مرّ بها لبنان في السنوات الأخيرة ولا يزال، إلاّ أنّ المشهد الكامل للاقتصاد يتطلّب النظر إلى جملة المؤشرات في المالية العامة كما في حركة القطاعات الاقتصادية التي تحتاج لمناخ استثماري إيجابي وإصلاح اقتصادي فعليّ لتخفيف الضغط عن النقد والجهاز المصرفي ليلعب دوره الكامل كعمود فقري للاقتصاد ككل وليس كداعم اضطراري دائم لضعف المالية العامة للدولة”.





مؤسسات الريادية الاجتماعية ... إقلاع وتحليق ولو دون تنظيم السبت, (24-11- 2018)


مؤسسات الريادية الاجتماعية ... إقلاع وتحليق ولو دون تنظيم
د. سهام رزق الله (أستاذة محاضرة في جامعة القديس يوسف وباحثة في الاقتصاد الاجتماعي)
http://csrsa.net/post/1250
تتعدد تعريفات مؤسسات الريادة الاجتماعية وتختلف أطر عملها الحديث على بين بلد وآخر، حيث بادرت بعض الدول الى تنظيمها وبقيت الأخرى في انتظار بلورة المفهوم والمبادئ وآليات العمل. وإذا كان من المعروف أن مؤسسات الريادة الإجتماعية تنتمي الى ما بات يُعرف بالإقتصاد الإجتماعي التضامني إلا أن ما يمّيز هذه المؤسسات عن غيرها من مكوّنات "القطاع الثالث" هو كونها ليست جمعيات ولا هي شركات خاصة فكيف ذلك؟ وبماذا تتلاقى وتختلف مع كل منها انطلاقا من مبادئها الخاصة وأهدافها الأساسية؟ وما هو واقعها في المنطقة العربية ولبنان؟
***********************
في التعريف العام لمؤسسات الريادة الاجتماعية ، اقترحت المفوضية الأوروبية عام 2011 تعريفًا للمشروع الاجتماعي يركز على 3 نقاط:
هي شركة هدفها الرئيسي أن يكون لها تأثير اجتماعي بدلاً من تحقيق الربح لأصحابها أو شركائها ؛
التي تعمل في السوق من خلال توفير السلع والخدمات و يستخدم الفائض (المكاسب) في المقام الأول لأغراض اجتماعية.
وهو يخضع للإدارة المسؤولة والشفافة ، لا سيما عن طريق ربط موظفيها وعملائها وأصحاب المصلحة المعنيين بأنشطتها الاقتصادية.
إذا أردنا اختصار خصوصية مؤسسات الريادة الاجتماعية التابعة للإقتصاد الإجتماعي التضامني فيمكن ذلك من خلال تصنيفها وفق ثلاثة أبعاد من المؤشرات التي تميّزها:
المؤشرات الاقتصادية: حيث يمكن التشبيك بين المبادئ الاقتصادية ومنطق التعاضد، توافق بين الإلتزام الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وتظهير الأعمال.
المؤشرات الاجتماعية: هدف نهائي يتمحور حول إحداث التغيير والتحرّر، التضامن الديمقراطي، الإستقلالية.
المؤشرات السياسية: البُعد العام، مساحات عامة وسيطة والريادة الإجتماعية والبناء السياسي المؤسساتي
وقد نشأ مفهوم المشاريع الاجتماعية في أوائل التسعينيات ، في الولايات المتحدة وإيطاليا.
في الولايات المتحدة، وجدت أول صدى كبير في وقت مبكر من خلال "كليات إدارة الأعمال" للجامعات الشهيرة مثل هارفارد ومن خلال الأسس التي قررت لتعزيز المشاريع الاجتماعية الفردية أو الجماعية. كان الهدف هو العثور على مصدر تمويل كافٍ لتنفيذ التدخلات الاجتماعية والبيئية ، إلخ.
أما في إيطاليا ، ففي أوائل التسعينيات ، أصدر البرلمان قانونًا يعترف بوضع التعاونية الاجتماعية. حفز هذا النص على تطوير الحركة التعاونية ، لا سيما من خلال الإجراءات التي تهدف إلى دمج الأشخاص المهمشين في العمل. ثم انتشر مفهوم هذه التعاونيات الاجتماعية الإيطالية في جميع أنحاء أوروبا.
المؤسسات الاجتماعية وأعمالها:
مثلها مثل أي هيكلية اقتصادية ، تبحث المؤسسة الاجتماعية عن العملاء لبيع السلع والخدمات. اختلافها هو أنها لا تسعى إلى الربح من أجل الربح ، ولكنها تستخدم نتائجها لتمويل العمل الاجتماعي الذي يتم تتسم به.
في العديد من الحالات ، تكون بعض موارد المؤسسات الاجتماعية ذات منشأ عام. كما تتميز هذه الشركات أيضًا بطرق الإدارة التشاركية.
وتعمل مؤسسات الريادة الاجتماعية على المساهمة في التنمية المستدامة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والقائمة على المشاركة ويمكن لمؤسسات الريادة الاجتماعية مثلا في فرنسا من العام 2016 الاستفادة من ترخيص شركة التضامن الاجتماعي، وهذه العلامة المعتمدة تسهل تمويلها من قبل المجتمع بحث تسمح لها الحصول على القروض المصرفية لتوسيع أعمالها خلافا لما هي حال الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي لا يمكنها الاقتراض، في حين أن الجمعيات يمكنها الحصول هلى الهبات التي لا يحق لشركات الريادة الاجتماعية الاستفادة منها.
في المقابل، الفرق بين الشركات التي تنتمي الى القطاع الخاص ومؤسسات الريادة الاجتماعية هو أن الشركات الخاصة تبتغي أعلى مستوى أرباح لتوزيعها على المساهمين فيها، وذلك إما عبر أعلى مستوى من الانتاج من خلال كلفة محددة أو عبر استهداف مستوى إنتاج مرجو عبر تقليص التكالف الى أدنى درجة ممكنة، في حين أن مؤسسات الريادة تعمل على إعادة إستثمار أرباحها في المجال نفسه بهدف الخدمة الإجتماعية ولا تعمل على توزيعها.
ومن الجدير ذكره ان أبرز مجالات الاستثمار في الريادة الاجتماعية هو الرعاية الاجتماعية والأنشطة المالية والتأمين والتعليم والصحة
أما في المنطقة العربية، فيمكن لمؤسسات الريادة الإجتماعية أن تكون حلاً فعالًا للحاجات الاقتصادية الاجتماعية الملحّة من خلال التوفيق بين كل من الاستدامة المالية (الأرباح) وأولوية التأثير الاجتماعي، لتساهم هذه المؤسسات في كل من التنشيط الاقتصادي وإعادة البناء الاجتماعي بشكل خاص للشباب.
وتعتبر ريادة الأعمال الاجتماعية "طريقة ثالثة" يمكن أن توازن بين الرغبة في تحقيق المزيد من المساواة الاجتماعية والحاجة إلى النمو الاقتصادي السريع. على مستوى الاقتصاد الكلي تتسم المشاريع الاجتماعية بنموذج من أصحاب المصالح المتميّزين بالضوابط الادارية والحوكمة الجيدة، ولكن أيضا بتوزيع الأرباح والفوائد بشكل أكثر إنصافا واستدامة على المدى الطويل.
كما تتميّز ريادة الأعمال الاجتماعية بعدم حصر اهتمامها بالمساهمين، بل تخضع الشركة لشبكة من أصحاب المصالح ، بما في ذلك العملاء والموظفين والموردين والمستثمرين والمجتمع والبيئة. في المنطقة العربية، تبنت بلدان عديدة مختلفة للريادة الاجتماعية غالبا وفق خصوصيات نظامها الاقتصادي الاجتماعي الأساسي. .. ولكن حيثما كان أثبتت ريادة الأعمال الاجتماعية قدرتها على تقديم حل قوي لأنها تساهم في الحد من المشكلات الاجتماعية والبيئية دون الاضطرار إلى الاعتماد على الأعمال الخيرية أو التمويل العام.
وتبيّن وسط عجز الثنائية الاقتصادية التقليدية المتمثّلة بالقطاعين العام والخاص وحدها عن معالجة الحاجات التنموية الملحّة إن إنشاء مؤسسات الريادة الإجتماعية يبقى الأمل الوحيد في تحقيق حلول مستدامة ومتطورة للمشاكل الاجتماعية والبيئية العاجلة.
ولكن إزاء التنامي العفوي لمؤسسات الريادة الإجتماعي في المنطقة العربية، لا تزال أطرها التنظيمية ضعيفة وشبه غائبة ومتروكة للمبادرات العفوية والهامش الواسع للحركة ولاختيار أولويات التدخل الاقتصادي الاجتماع والتنموي بدزن تسهيلات خاصة ولا توجيه ممنهج.
في السعودية تعتبر مؤسسة الملك سلمان للشباب أكبر داعم لرواد الأعمال الاجتماعيين، ومؤسسة الأمير محمد بن سلمان ( مسك الخيرية) ، فضلا عن برنامج “بادر” التابع لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا، وبنك التنمية الوطني ( ريادة )...
وفي مصر، توجد جمعية نهضة المحروسة، وحاضنة أعمال جسر ” وحاضنة ” انطلق ” التي أسستها أكاديمية البحث العلمي وغيرها..
وفي الإمارات، أطلقتها مؤسسة الإمارات في أبو ظبي “جائزة الإمارات لشباب الخليج العربي” لتشجيع الشباب الخليجي على إنشاء المبادرات الاجتماعية و إقامة وتطوير مشاريع الريادة الاجتماعية.
وتبقى تونس الأولة عربيا في مجال الريادة الإجتماعية، وأهم مشاريع مؤسسات ريادة الأعمال فيها هي في مجال الاقتصادي الرقمي، وقد سبق وأطلقت تونس قبل سنوات مشروع "خارطة الطريق تونس الرقمية 2018"، وحثت القطاعين العمومي والخاص ورجال الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للتوجه نحو التجارة الإلكترونية.
أما في لبنان فقد برزت مؤسسات ريادة الأعمال الاجتماعية وتطوّرت بشكل كبير، والمعروف أن من أبرزها arc en ciel". ولو أن معظمها مسجّل إما وفق الهيكلية القانونية أو وفق هيكلية شركة لبنانية ذات مسؤولية محدودة فيما نادرا ما تختار هذه المؤسسات ان تتسجّل وفق هيكلية شركات مساهمة.
وكذلك في ظل غياب شكل قانوني خاص بتسجيل الشركات الاجتماعية في المنطقة العربية، فإن معظم المبادرين لإنشاء مؤسسات ريادة الأعمال يختارون تلقائيا تسجيلها على أنها شركات ذات مسؤولية محدودة. على أن يتشكّل مجلس الإدارة من المؤسسين والموظفين الأساسيين ..وتعتمد لتمويلها على الاستثمارات المؤسسية ورساميل تأسيسها والقروض المصرفية فضلا عن برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات الساعية لتظهير نفسها مساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبينما يزداد التطلّع الى مبادرات الريادة والابتكار الاجتماعي للمنطقة العربية، تبدو أولويات المشاريع الاجتماعية باعتبارها النهج المفضل لأنها قادرة ليس فقط على النهوض بالاقتصاد إنما بتحقيق ذلك وفق مبادئ التوازن والمشاركة والدمج لجميع الفئات الاجتماعية لتحسين مستوى العيش للجميع بالتالي تأمين تنمية مستدامة متوازنة ودامجة ومستقرّة.
______________________