lundi 12 juillet 2021

د. سهام رزق الله لـ «الأنباء»: الاستقرار السياسي شرط أساسي لكنه غير كافٍ للاستقرار الاقتصادي

 

د. سهام رزق الله لـ «الأنباء»: الاستقرار السياسي شرط أساسي لكنه غير كافٍ للاستقرار الاقتصادي

https://www.alanba.com.kw/ar/arabic-international-news/lebanon-news/1052836/24-06-2021-%D8%B3%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%B1%D8%B2%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%84%D9%80-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%B4%D8%B1%D8%B7-%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%84%D9%83%D9%86%D9%87-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%83%D8%A7%D9%81-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A/

يئنّ لبنان تحت وطأة أزمة اقتصادية قد تكون الأسوأ في تاريخه، يزيدها قساوة انسداد سياسي وأزمات متتالية تدفع بالعملة الوطنية إلى مزيد من الانهيار والتضخم المفرط.

في هذا الإطار، التقت «الأنباء» الخبيرة الاقتصادية د.سهام رزق الله وهي أستاذة محاضرة في كلية العلوم الاقتصادية في جامعة القديس يوسف، وكانت دردشة حول الوضع المأزوم واحتمالات الحلول، بحيث طالبت رزق الله بمعالجة أساس الأزمة الاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان منذ العام 2011، والتي انفجرت في أكتوبر 2019.

وكذلك اشارت إلى أن السعر الذي طرحته منصة «صيرفة» يشكل «محاولة تبني سعر السوق بلحظة زمنية معينة، إلا أن سوق القطع تخطاها وهو يتحرك بغضّ النظر عنها»، ورأت أن التوصل إلى سعر الصرف الفعلي، يحتاج أولا إلى قرار بالاستقرار السياسي ـ الاقتصادي ـ الاجتماعي الشامل.

هل يريح رفع الدعم سوق النقد وسعر صرف الدولار رغم كونه مؤلما على المواطنين؟

٭ في الواقع تخطت المسألة اليوم تقييم السياسة المالية والنقدية التي تم اعتمادها في إطار ما سمي بـ«الدعم»، ذلك ان الأخير يكون من مالية الدولة إلى المواطنين، وليس مما تبقى من ودائع بعض المواطنين لشراء مواد غذائية ومحروقات وغيرها وفق سعر صرف لم يعد واقعيا، ويؤدي ذلك إلى الحصول على بضائع أصبحت تباع علنا في مختلف أسواق العالم بأسعار تتخطى تلك المعتمدة في الأسواق اللبنانية، من دون تحديد أي مسؤوليات عن التهريب العلني الذي يتم جراء ذلك. ان وقف عملية الشراء بأقل من صرف الدولار في السوق أصبح ضرورة، بفعل نفاد الاحتياطي بالدولار الأميركي الذي كان يستخدم لهذه الغاية من قبل مصرف لبنان بقرار من السلطات العامة.

أما الوقع على المواطنين فهو أيضا يحتاج إلى التمييز بين شرائح المواطنين، إذ إن ما كان يسمى بـ«الدعم» لم يكن يميز بين المواطنين ومردودهم وقدراتهم، وكذلك فإن رفع «الدعم» لا يميز بينهم. كما أن فرق العملة في أسعار البضائع في السوق أغلى لمن مدخوله بالعملة الوطنية وأرخص بالنسبة لمن مدخوله بالعملات الأجنبية. ما يريح الوضع النقدي وسوق القطع حاليا، يرتبط بمعالجة أساس الأزمة بالعودة إلى اندلاعها في 2011 تحديدا، لا قبل ولا بعد، وذلك مع انقلاب وضع ميزان المدفوعات رأسا على عقب وتدحرج كل المؤشرات الماكرو-اقتصادية معه، كما تثبت كل الأبحاث الاقتصادية العلمية.

السعر الجديد للدولار وفق منصة «صيرفة» البالغ 12 ألف ليرة، هل يكرس عتبة الحد الأدنى؟

٭ السعر الذي طرحته «صيرفة» هو محاولة تبني سعر السوق بلحظة زمنية معينة، إلا أن سوق القطع تخطاها وهو يتحرك بغض النظر عنها، على رغم أن السوق الموازية لا يفترض أن تمتلك هامش تأثير أقوى من المصرف المركزي والمصارف مجتمعة، منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة. كل الاجراءات التي اعتمدت خلال الأزمة، سهلت نمو سوق موازية باتت تفرض سعرها على الجميع، حتى لو لم يكن السعر علميا ومترجما لواقع الاقتصاد العام الذي له أسسه في احتساب سعر الصرف الفعلي لكل اقتصاد. وبالتالي سعر 12 ألف ليرة لا يمكن اعتباره لا حدا أدنى ولا حدا أقصى، لأنه غير محسوب وفق الأسس العلمية الاقتصادية الصحيحة، بمعزل عن مختلف العناصر الأخرى غير الاقتصادية.

أما التوصل إلى سعر الصرف الفعلي، فيحتاج أولا إلى قرار بالاستقرار السياسي ـ الاقتصادي ـ الاجتماعي الشامل، وهذه مسألة أكبر من أدوات نقدية تقنية تنفيذية. ومن بعدها يجب ان توضع قراءة شاملة للمؤشرات الاقتصادية الفعلية لمعرفة مستوى سعر الصرف وفق حاجة السوق من الدولار للتداول (وليس للتخزين والتهريب والمضاربة والضغط..)، ويتم التفاوض مع الدائنين بالعملات الأجنبية، وتوضع خطة عملية قابلة للتطبيق من خلال صندوق سيادي لمعرفة واردات الدولة وكيفية توجيهها نحو تحمل مسؤوليتها تجاه دائنيها، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي والهيئات الدولية التي من شأنها أن تساهم في تأمين مناخ الثقة المطلوب، ليس فقط لتأمين المساعدات، بل لاستعادة الاستثمارات الأجنبية واستقطاب الرساميل الخارجية التي تشكل دينامو الاقتصاد اللبناني، وقد عرف الأخير تدهورا منذ «جفافها» من البلد.

ما تداعيات منح المواطنين 400 دولار نقداً شهريا و400 دولار وفق سعر منصة صيرفة، وما انعكاس ذلك على الكتلة النقدية؟

٭ قرار المصرف المركزي لا «يمنح» 400 دولار للمواطنين، بل «يحرر» أموال المواطنين المحتجزة في حساباتهم منذ خريف 2019. وهذا أقل حقهم، وقد طالبنا بذلك كاقتصاديين منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة. وأعني هنا إقرار تنظيم السحوبات المالية بالعملات الأجنبية للمودعين من حساباتهم وفق «كابيتال كونترول»، كما هو حاصل في كل البلدان التي تشهد أزمات، كذلك لابد من الخروج من سياسة التأجيل والرهان على الوقت، والوقف الكلي لسحوبات «المودعين العاديين» كما حصل.

في حين كان مجموع الودائع بالعملات الأجنبية يتراجع وكذلك الاحتياطي من هذه العملات يستنزف في غير مكانه حتى وصلنا إلى الاحتياطي الإلزامي الذي لا يجوز المساس به، سوى لتحريره لأصحاب الودائع أنفسهم فقط لا غير.

وكان يفترض أن يساهم ذلك بتهدئة سوق القطع، إذا صرف المودعون الدولارات وزادوا من عرضها في السوق. إلا أن إلزام المودعين سحب 400 دولار على سعر صرف 12 ألف ليرة، يرجح ان يدفع بهم إلى استعمال ما سينالونه بالليرة اللبنانية وتخزين ما يسحبونه بالدولار أو وضع الـ 400 دولار في حساب خارجي للشراء من الخارج أو تحويل المال، أو التمكن من استخدام بطاقات حسابات «الأموال الطازجة» في السفر، بعد وقف العمل ببطاقات الائتمان الصادرة من المصارف اللبنانية.

وبالنسبة إلى الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية فكأننا «أوقفنا العد» بها. وقد تضاعفت ولاتزال ترتفع لأسباب عدة أكثر خطورة من سحب أموال الناس لتسديد الدين العام وفوائده بالليرة اللبنانية، أو خلق النقد (طباعة العملة الوطنية) لتغطية نفقات الدولة من رواتب وأجور ومصاريف مختلفة، مع تدن رهيب لمستوى إيراداتها، وعدم السعي إلى أي إصلاح من شأنه خفضها وترشيدها كما تقتضي به حالات أزمة مشابهة. المشكلة الأساسية هي أنه لا مناخ ثقة يدفع المواطن لصرف الـ 400 دولار نقدا، بل سيلجأ إلى «تخبئتها» و«التخلص» مما يحصل عليه بالليرة.

هل يستمر سوق العقار ضمانة لحماية أموال المودعين كبديل للنظام المصرفي؟

٭ من المؤكد أن سوق العقار شهد حركة استثنائية مطلع الأزمة، لاسيما مع سعي المطورين العقاريين إلى تغطية حساباتهم المدينة من خلال بيع الشقق مقابل شيكات مصرفية حتى لحسابات مجمدة، ولكن الوضع اختلف اليوم بعدما تمكن معظمهم من تحقيق هذه الغاية، ولم يبق من عرض عقاري سوى لمن يريد الحصول على السيولة وطبعا بالدولار النقدي أو الـ «الطازج» الذي يمكن التصرف به.

هل تعتقدين أن الرخاء السياسي كفيل بتحقيق انفراجة في الأزمة النقدية؟

٭ من المعروف علميا، وليس من معتقدي الخاص، أن الاستقرار السياسي هو شرط أساسي لكنه غير كاف للاستقرار الاقتصادي.

في 2016 ـ 2017 كانت «الهندسات المالية» بين وزارة المالية ومن مصرف لبنان والمصارف التجارية لتخفيض خدمة الدين العام (لأن الفوائد على اليوروبوند أقل من الفوائد على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية) ولجذب العملات الأجنبية والمحافظة على سياسة ربط العملة الوطنية بالدولار الأميركي، وأدت إلى تأجيل انفجار الأزمة.. ومن الواضح والمعروف أيضا أن وكالات التصنيف الدولية (فيتش، موديز، وستاندر آند بورز) تعتمد «الاستقرار السياسي» كأحد أبرز العوامل المؤثرة في «تثقيل» تصنيفها السيادي لسندات أي بلد، أي قدرته على الايفاء بتسديد التزاماته بالعملات الأجنبية، لأن تراجع الاستقرار مقدمة إلى افتقاد الثقة والمناخ الاستثماري، وبالتالي اضطرار البلد المعني إلى رفع معدلات الفوائد على سنداته لإقناع المستثمرين بالاستمرار بتمويله رغم ازدياد مخاطر التسديد.

بين تعاميم مصرف لبنان وعقود المصارف: الشفافية أساس استعادة الثقة...

 بين تعاميم مصرف لبنان وعقود المصارف: الشفافية أساس استعادة الثقة...

https://www.aljoumhouria.com/ar/news/604040/%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%85-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%81-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%81--%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%81%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%B3-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A9?utm_source=editor&utm_medium=web&utm_campaign=listnews

Saturday, 10-Jul-2021 06:20

لطالما شكّلت شفافية السياسة النقدية وصدقية المصارف المركزية العمود الفقري لبناء الثقة في الجهاز المصرفي، خصوصاً في فترات الأزمات، حيث يزداد الحذر ويشتد القلق ويحتاج العملاء الاقتصاديون مزيداً من الطمأنة، حتى تجاه أكثر القرارات التي تصبّ في مصلحتهم... وسط الأزمة الاقتصادية ـ المالية - النقدية ـ المصرفية و»عجقة» تعاميم مصرف لبنان المركزي من جهة، و»تشكيلة» العقود التي تطرحها المصارف على المودعين من جهة أخرى، في غياب النص الموحّد بينها، تبقى استعادة الثقة في حاجة لما يُعرف في علم الإقتصاد بـ»التوجيه المسبق» Forward Guidance، الذي يمثّل أبرز ركائز السياسات غير النقدية، لتوضيح الرؤيا للمستقبل وإزالة الغموض الذي يغذي التردّد في القرارات. أي أسس للشفافية في السياسات النقدية؟ ما مدى ارتباطها باستقلالية المصارف المركزية؟ كيف تنعكس على عمل الجهاز المصرفي ككل؟ وأين تعكس واقع الحال في لبنان؟

من المعروف أنّ دور المصارف المركزية وصلاحياتها أصبح أكثر اتساعًا وتعقيدًا منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008، نظرًا للطبيعة غير التقليدية للسياسات النقدية التي اعتمدتها، وزيادة حجم تدخّلاتها في الإقتصاد حينها، ومن ثم خلال وباء كورونا والاضطرار الى مزيد من التدخّل لتمويل القطاعين العام والخاص، تخضع المصارف المركزية لإشراف أوثق بكثير، وتزداد الحاجة الى اطلاع الرأي العام بكل شفافية ووضوح على حيثيات خياراتها وانعكاساتها المستقبلية، لتحسين قدرة الناس على التوقّع العقلاني.. فكيف عندما تكون البلاد غارقة في أزمة معقّدة الأوجه كما هي الحال في لبنان؟

«العامل النفسي» لجهة الوضوح في كل قرار وكل خيار هو أساسي لبناء الثقة، ولكن أكثر ضرورة لاستعادة ثقة كانت موجودة وفُقدت بنحو دراماتيكي نتيجة عمق الأزمة وتشعّبها، كما هي الحال في لبنان، حيث بات التشكيك في مفاعيل أي قرار أو تعميم أو عقد، يصدر عن الجهاز المصرفي بمجمل مكوّناته، يسبق حتى قراءة نصّه!؟..

وعندما نتناول في علم الإقتصاد مفهوم الصدقية في السياسة النقدية، نعني بها أساساً أن تكون خيارات المصارف المركزية أكثر شفافية وخضوعاً للمساءلة، للحفاظ على ثقة الجمهور وعلى استقلاليتها وتعزيز فعالية إجراءاتها وتجاوب الجمهور معها.

لقد طور صندوق النقد الدولي قانون شفافية المصرف المركزي لمساعدة البلدان الأعضاء في تلبية هذه المطالب وزيادة الثقة والدعم للمصارف المركزية. يهدف ذلك إلى تعزيز التواصل الأكثر فعالية بين هذه المصارف وأصحاب المصلحة المتعددين، والحدّ من عدم اليقين والمساعدة في اتخاذ قرارات أفضل.

 

الشفافية والمساءلة

تشارك المصارف المركزية بنحو متزايد في أنشطة مختلفة. يتولّى مزيد منها، على سبيل المثال، مهمات الإشراف ووظائف الاستقرار المالي الأخرى. الشفافية هي أداة تسهّل المساءلة، من خلال تمكين الجمهور من فهم أفضل لطريقة خدمة الأنشطة المنفّذة لمصالحهم، وتتماشى في الاجراءات المحدّدة مع الهدف النهائي المتمثل بزيادة الكفاية. بسبب المسؤوليات المتزايدة والتوسع الهائل في الموازنات العمومية، يُطلب من المصارف المركزية بنحو متزايد تحديد ما تفعله، وكيف.. ولماذا... وتزداد هنا أهمية استقلالية المصرف المركزي التي أصبحت موضع تساؤل في عدد من البلدان، لاستخدام لغة المصارف المركزية، يمكننا القول إنّ الشفافية والمساءلة هما الضمانات الحقيقية لاستقلاليتها.

هذا المنحى هو جزء من التركيز الأوسع لصندوق النقد الدولي على قضايا المساءلة والحوكمة. كونها اختيارية، فهي تسمح للمصارف المركزية قياس الشفافية في 5 مجالات أو «ركائز» أساسية: الحوكمة والتوجّهات الرئيسية والعمليات والنتائج والعلاقات الرسمية. لكل ركيزة تقدّم المدونة قائمة بأفضل الممارسات («الأساسية» أو «الموسعّة» أو «الشاملة») للوظائف الأساسية، مثل السياسة النقدية أو السياسة الاحترازية الكلية.

تمّ إنشاء هذه المجموعة من الممارسات في ضوء التنوع الهائل للمصارف المركزية في 189 دولة عضو في صندوق النقد الدولي، من حيث الأطر القانونية وترتيبات الحوكمة ومستويات التنمية الاقتصادية والمالية. يمكن لكل مصرف مركزي وأصحاب المصلحة تحديد ما إذا كان يتمّ الالتزام بالشفافية الموضوعية في الممارسة، اعتمادًا على الوضع المحدّد في كل بلد. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه اللائحة ليست أداة تصنيف، وليس المقصود منها التعبير عن التفضيلات أو تقديم توصيات في شأن التفويضات أو الهياكل المؤسسية أو إجراءات الحوكمة الخاصة بالمصارف المركزية.

من المسلّم به أنّ الشفافية ليست هدفًا مطلقًا أو غاية في حدّ ذاتها. ولدى المصارف المركزية أسباب مشروعة لتأخير أو عدم إصدار بيانات السوق الحساسة ومواد الاستقرار المالي والبيانات الشخصية. ويُعتبر مفهوم السرّية وثيق الصلة، خصوصاً بالتدخّلات في سوق الصرف الأجنبي، وإدارة الاحتياطيات، والقرارات الإشرافية المتعلقة بمؤسسات معينة وتوفير السيولة الطارئة. ويحدّد القانون الشروط الواجب استيفاؤها ويسلّط الضوء على المبدأ العام الذي يقضي بضرورة أن تضع المصارف المركزية قواعد واضحة لشرح المعلومات التي تظل سرّية ولأي أسباب.

إستقلالية المصرف المركزي

بعد الفورة الكبرى في الثمانينات حول مفهوم استقلالية المصرف المركزي وأهميتها لتأمين صدقية السياسات النقدية، عادت هذه الاشكالية بمتطلبات مختلفة في السنوات الأخيرة، خصوصاً مع اعتماد السياسات النقدية غير التقليدية بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008. فماذا تعني السياسات النقدية غير التقليدية، لا سيما في ما يتعلّق بضرورة استقلالية المصرف المركزي لتحقيق صدقية السياسة النقدية؟ ما هي أبرز أشكال هذه السياسات وأُسسها؟ وما مدى تأثيرها المرتقب على صعيد الاستقرار النقدي كما المالي؟

عندما نتحدث في الاقتصاد عن استقلالية المصرف المركزي، نعني بها تحديداً استقلالية السلطة النقدية عن السلطة السياسية، بحيث يكون للمصرف المركزي حرّية تحديد خياراته في اعتماد السياسة الأنسب، للحفاظ على الاستقرار النقدي في الشق الداخلي عبر ضبط التضخم، وفي الشق الخارجي عبر الحفاظ على استقرار سعر صرف العملة الوطنية تجاه العملات الأجنبية. ومن المعروف إقتصادياً، أنّ مفهوم استقلالية المصرف المركزي يعتمد على ثلاث ركائز أساسية: الاستقلالية القانونية في النصوص، الاستقلالية الفعلية في الممارسة، والاستقلالية المالية في حسابات المصرف المركزي تجاه الدولة.

ولطالما شدّدت الأدبيات الاقتصادية، وخصوصاً مع الموجة الكلاسيكية في الثمانينات، على أنّ تحقيق الهدف الرئيسي للمصرف المركزي بتأمين الاستقرار النقدي لا يمكنه أن يتحقّق إلّا من خلال الفصل التام للسياسة النقدية لهذا المصرف عن السياسة المالية للحكومة ووزارة المال، خصوصاً لتفادي لجوء الحكومة ممثّلة بوزارة المال الى طلب تغطية عجوزاتها المالية من خلال تدخّل المصرف المركزي، إن كان عبر ضخ السيولة وتحمّل انعكاساتها التضخمية الفورية، أو من خلال الضغط على المصرف المركزي للمساهمة في الدين العام، عبر الاكتتاب بسندات الخزينة والتفاوض حول شروطها بالكمية والآجال ومستوى الفوائد… أو طبعاً اللجوء الى افتعال زيادة في السيولة واصطناع نهضة عابرة في الأسواق في فترات محدّدة، مثل الفترات التي تسبق الإنتخابات، لإحداث صدمة إيجابية وهمية، لا تلبث أن تتحوّل كابوساً تضخمياً يصعب ضبطه، دون أن تكون مساهمة بنمو إقتصادي حقيقي وخلق فرص العمل المطلوبة.

 

السياسات النقدية غير التقليدية

أما منذ الأزمة المالية عام 2008، فقد اضطرت المصارف المركزية الى التدخّل في الأسواق، ولعب دور المنقذ لتأمين السيولة المطلوبة للقطاعين العام والخاص، وتفادي الانهيارات الشاملة، عبر السياسات النقدية غير التقليدية المعتمدة، والتي شكّلت مفترقاً كبيراً في مفهوم إستقلالية المصرف المركزي لجهة تأمين التدخّل المطلوب لتمويل الاقتصاد، مع المحافظة في الوقت نفسه على صدقية سياسته النقدية ومنع المسّ بخياراته في تأمين الاستقرار النقدي الضروري.

وقد جهدت السياسات الحديثة غير التقليدية في تثبيت إمكانية تحقيق صدقية المصرف المركزي، ولو في ظل مساهمته في تمويل الدولة والدين العام، عبر زيادة السيولة وخفض معدل الفوائد الى ما يلامس حدود الصفر، دعماً للاستثمار ولتنيشط الاقتصاد ككل، ذلك أنّ من خلال سياسة المعايير الإسترشادية القائمة على إعطاء الجمهور علماً مسبقاً بمخططات السلطة النقدية لجهة تنامي Forward Guidance الكتلة النقدية ومستوى الفوائد واتجاه سعر الصرف، بما يساعد العملاء الاقتصاديين في صوغ توقعاتهم بنحو صحيح، خلافاً لأسلوب المفاجأة والكتمان الذي كانت بعض المصارف المركزية تعتمده لإحداث فورة اقتصادية فجائية ولو بكلفة تضخّم باهظة.

إستعادة الثقة خصوصاً في ظلّ الأزمات، تتطلّب وضوح الرؤية لحسن التوقّع للمستقبل. فيما المودع في لبنان وبعد طول انتظار لاستعادة جزء من ودائعه بالدولار الأميركي، وجد نفسه في حالة غموض للمستقبل، عند قراءة بعض عقود تطبيق التعميم الجديد الرقم 158 مدّتها قد تصل الى 5 سنوات، ولكن دون تعهّد المصارف بالإلتزام إلّا بشروط السنة الأولى منه... فكيف يطمئنون ويتجاوبون؟

علماً أنّ مصرف لبنان جهد أخيراً، إن كان لجهة الإعلان عن التوجّهات النقدية للمصرف المركزي، او لجهة الإضاءة على دقة الأوضاع المالية التي تستدعي تدخّله، خصوصاً عبر الاضطرار الدائم الى تمويل القطاع العام، حتى أصبح أبرز المكتتبين بسندات الخزينة والتي تدفعه مراراً الى المشاركة في عمليات الـ»سواب» والهندسات المالية مع المصارف التجارية، مما يعكس الشكل الثاني من السياسات النقدية غير التقليدية المعروفة بسياسات التليين النقدي الكمّي Quantitative Easing القائمة على ضخ السيولة لشراء السندات المالية من القطاعين العام والخاص والتليين النقدي النوعي، فضلاً عن الشكل الثالث للسياسات النقدية غير التقليدية، القائمة على الشراء الكثيف للسندات، على الرغم من ارتفاع درجة مخاطرها Qualitative Easing.

إلّا أنّ السياسات الحديثة غير التقليدية، ومنها في لبنان «الهندسات المالية» التي أجّلت إنفجار الأزمة، واجهت عوائق عدة حدّت من فعاليتها، وخصوصاً من حيث انعكاساتها على المالية العامة وتحفيز الدولة على ترشيد الإنفاق العام وضبط الدين العام، خصوصاً وأنّ خفض الفوائد، ومنها طبعاً على سندات الخزينة، مما يسمح للدولة بالتراخي في ضبط المديونية، طالما أنّها غير مكلفة لجهة خدمة الدين العام (أي الفوائد السنوية على أصل الدين) فلا يضغط عليها لتأمين الانضباط في سياستها المالية وتفادي العجز والاستدانة.

وأكثر من ذلك، يبقى التحدّي الأساس بعد انقضاء الأزمة، في إمكانية الخروج عن السياسات النقدية غير التقليدية، والعودة الى اعتماد السياسات النقدية التقليدية، من دون إحداث بلبلة في توقعات الجمهور، بل طمأنته بشفافية الى مجرى الخيارات الجديدة، فضلاً عن الضغط لضبط المالية العامة لعدم الاضطرار الى التدخّل في استمرار واستنفاد إمكانات المصرف المركزي وحرفه عن دوره الرئيسي في تأمين الاستقرار النقدي، لإغراقه في تمويل الدولة وطبع العملة لتلبية حاجات السوق. ويكفي لذلك مراقبة تطور حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية في لبنان، وكيف تُترجم يومياً بالتضخم وتدهور سعر الصرف...

في اختصار، إذا كانت شفافية السياسة النقدية أساس الثقة بالسياسة المصرفية، فلا يمكن توقّع إستعادة الثقة في الأزمات، عبر مزيد من الغموض... الصدقية تبدأ بإعلان الأهداف والخيارات وتتثبت بالإلتزام بآليات وروزنامة تطبيق العقود... هكذا فقط يتشجع الناس على التجاوب، فيساهمون بنجاح السياسات والإجراءات وفعاليتها...


بعد 22 عاماً من تثبيت الدولار/الليرة: لماذا اندلعت أزمة سعر الصرف؟

 بعد 22 عاماً من تثبيت الدولار/الليرة: لماذا اندلعت أزمة سعر الصرف؟

https://www.aljoumhouria.com/ar/news/598449/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-22-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%AB%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B9%D8%AA-%D8%A7%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%B3%D8%B9%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D9%81?utm_source=editor&utm_medium=web&utm_campaign=listnews


Friday, 04-Jun-2021 06:30

بعد 22 عاماً من تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي الى الليرة اللبنانية منذ عام 1997 على معدّل 1507.5، كاد هذا الرقم يشكّل حقيقة ثابتة ورمز الثقة الوحيد بالإقتصاد اللبناني، وبات غير قابل للبحث، وكأنّ سعر الصرف على جزيرة نائية، لا يتأثّر بكل ما يدور حوله من تطوّرات تطاول مختلف المؤشرات الماكرو-إقتصادية وعوامل المخاطر الناتجة من غياب الاستقرار السياسي، التي تعتمدها مختلف مؤسسات التصنيف الدولية، لتقييم قدرة البلدان على سداد ديونها بالعملات الأجنبية...من هنا لا يزال السؤال المركزي في مختلف الأوساط يتمحور حول الأسباب العميقة لاندلاع ازمة سعر الصرف؟ والجواب المباشر: إذا أردتم أن تعرفوا ماذا جرى عام 2019، إبحثوا في ما حصل منذ العام 2011...

إنطلاقاً من الأدبيات العلمية الإقتصادية، من المعلوم أنّ تاريخ أزمات سعر الصرف عالمياً أتاح وفق المراحل تفسير أبرز أسبابها وعناصر تطوّرها من خلال «أجيال من النماذج» التي تأخذ في الاعتبار أصل الأزمات وعواملها ومحدّداتها الرئيسية.

في هذا السياق، تمّ تصنيفها وفق ثلاثة أجيال من النماذج وهي:

- نماذج الجيل الأول، الذي يفسّر الأزمات بملاحظة تدهور أساسيات الاقتصاد الكلي، أي تدهور شامل لمختلف المؤشرات الماكرو-إقتصادية بشكل جامع ومتراكم لسنوات (عجز مالي، تراجع في نمو الإقتصاد، عجز في ميزان المدفوعات...) بحيث يفقد الإقتصاد المعني ثقة مختلف العملاء الإقتصاديين به وبعملته...

- نماذج الجيل الثاني، التي تشرح حالات أزمة العملة، حيث يبدو أنّ المتغيّرات الأساسية للاقتصاد الكلي لم تتدهور؛ تنشأ هذه الأزمات من توقعات العملاء الإقتصاديين للتطور المستقبلي للمؤشرات في ما يتعلق بشكوك السوق، مما يخلق توازنات متعددة ؛

- نماذج الجيل الثالث، التي تخلق علاقة بين أزمات العملة والأزمات المصرفية. يمكن أن تؤدي أزمة العملة أيضًا إلى أزمة مصرفية إذا كانت المصارف الخاصة مثقلة بالديون بالعملة الاحتياطية.

 

في حالة لبنان وبمنهج تحليلي تسلسلي، يتبيّن أن نموذج الجيل الأول هو اكثر ما يفسّر إنفجار الأزمة النقدية وسعر الصرف عام 2019، بالنظر الى تراكم تدهور جميع المؤشرات الماكرو-إقتصادية وبشكل حاد ومتصاعد تحديداً منذ العام 2011.

 من هنا، يتبيّن أنّ أساسيات الاقتصاد الكلي تشرح تماماً كيف أنّ الفترة الممتدة بين عام 2011 وعام 2019 كانت تحضّر أزمة سعر الصرف على أفضل وجه، من خلال التدهور التراكمي المعمّم لجميع مؤشرات الاقتصاد الكلي في الماضي. ولبنان على وجه الخصوص منذ عام 2011، كما سنُظهر في هذا الإطار.

أزمة العملة «الجيل الاول»

بول كروغمان (1979)، كان رائداً في المفهوم النظري الأساسي لما يُسمّى بنموذج أزمة العملة «الجيل الأول». يوضح كروغمان من خلال نموذجه، أنّ نمو الإئتمان المحلي المرتبط بتمويل عجز الميزانية المزمن عن طريق الاقتراض من البنك المركزي (عن طريق طبع النقد)، يؤدي إلى انخفاض الاحتياطيات، ويجبر السلطات النقدية على التخلّي عن نظام أسعار الصرف الثابتة.

 

ويظهر، مع تساوي جميع العوامل الأخرى، أنّ الاحتياطيات تنخفض، لأنّ القطاع الخاص غير راغب في الاحتفاظ بالجزء المتزايد من القاعدة النقدية. النتيجة المنطقية التي يشرحها كروغمان، هي أنّه سيكون هناك هجوم مضاربات، بسبب التوسع المفرط في المعروض النقدي (التضخم)، ما يؤدي إلى استنفاد الاحتياطيات وبدء أزمة العملة.

 

وبالتالي، فإنّ الحفاظ على التكافؤ في سعر الصرف يؤدي بالبنك المركزي إلى السحب من احتياطياته لإعادة شراء عملته، متدخّلا في سوق القطع في حدود استنفاد احتياطياته، ما يضطر البنك المركزي إلى التخلّي عن أسعار الصرف الثابتة ومراقبة نظام سعر الصرف العائم.

وطبعاً، لا تتغيّر النتائج الأساسية للنموذج في حالة تمويل عجز الموازنة عن طريق إصدار الأوراق المالية بدلاً من طباعة النقد مباشرة.

 

في هذه الحالة، تؤدي خدمة الدين إلى زيادة تدريجية في العجز حتى يعبّر فيها القطاع الخاص عن رفضه الاحتفاظ بمزيد من سندات الدين. وقد يؤدي ذلك إلى لجوء السلطات إلى طباعة النقد لتمويل العجز المالي.

 

ويتلخّص تدهور المؤشرات الماكرو-إقتصادية وفق ثلاثة مرتكزات أساسية:

1) إنغماس الجهاز المصرفي في تمويل الدين العام المتنامي، والذي تمت دولرة ثلثه (اي أنّ ثلث الدين العام هو بالعملات الأجنبية)، ويحمل الجهاز المصرفي أكثر من نصف الدين بالعملات الأجنبية، فضلاً عن معظم الدين العام بالليرة اللبنانية..

2) الدولرة الثابتة والمرتفعة منذ الأزمة النقدية في لبنان في الثمانينات على الرغم من تثبيت سعر الصرف طيلة 22 عاماً.

3) التمسّك باعتماد نظام ربط سعر صرف الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي بشكل متشدّد على معدّل 1507.5، بغض النظر عن أي تطوّرات في مختلف المؤشرات الماكرو-إقتصادية، لاسيما منها تراكم العجز الحاد لميزان المدفوعات منذ العام 2011، مما ساهم بنفاد إحتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية.

أولاً، انغماس القطاع المصرفي في تمويل الدين العام، من خلال شراء سندات يوروبوند بقيمة 15 مليار دولار أميركي، وشهادات إيداع من مصرف لبنان بقيمة 52.2 مليار دولار (بلومبرغ)، والتي تُضاف إلى 17.5 مليار دولار كانت تشكّل الاحتياطي الإلزامي على الودائع بالعملات الأجنبية، أو ما يفوق 70 مليار دولار لدى مصرف لبنان من إجمالي الودائع بالعملات الأجنبية البالغة 120 مليار دولار.. تُضاف الى معظم الدين العام بالليرة اللبنانية الذي يحمله الجهاز المصرفي..

 

مما يجعل معظم الودائع موظفّة لدى القطاع العام من خلال القطاع المصرفي. كما أنّ معظم الودائع بالعملات الأجنبية عالقة في القطاع العام بين شهادات الإيداع بالدولار للمصرف المركزي وشراء اليوروبوند للدولة اللبنانية.. يعني أنّ المصارف منكشفة على القطاع العام بما يفوق ثلثي التوظيفات لديها، فيما تسليفاتها للقطاع الخاص تقلّ عن ثلث التوظيفات...

 

وعلى الرغم من مخاطر الاستدانة بالعملات الأجنبية خصوصاً، تظهر الأدبيات الإقتصادية ميل البلدان الناشئة والبلدان المشابهة لوضع لبنان الاقتصادي، الى الاستدانة بالدولار الأميركي لتتمكن من استقطاب تمويل من الأسواق الخارجية. من هنا اللجوء إلى إصدار سندات اليوروبوند للحصول على تمويل على الصعيد الدولي، كما لكون معدّلات الفوائد على سندات اليوروبوند عمومًا تكون أقل من معدلات الفائدة على سندات الخزينة بالعملة الوطنية (نظرًا لاختلاف عوامل المخاطرة) مما يساعد في تخفيض خدمة الدين. وهذا كان أساس هدف زيادة حصة الدين العام بالدولار الأميركي من مجموع الدين العام في لبنان.

 

ثانياً، الدولرة (نسبة الودائع بالدولار الأميركي من مجموع الودائع في لبنان)، التي بدأت في لبنان أثناء الأزمة النقدية في الثمانينات، بقيت مرتفعة على الرغم من تثبيت سعر صرف الليرة إزاء الدولار الأميركي طيلة 22 عاماً، الأمر الذي كان يفترض أن يعيد أكثر الثقة بالليرة اللبنانية ويخفّض معدّل الدولرة. علماً أنّ الدولرة في لبنان كانت ولا تزال خياراً تلقائياً للقطاع الخاص، القلق من تدهور سعر الصرف وخسارة القدرة الشرائية للعملة الوطنية، وقد بقي يحاول أن يحتمي بتحويل معظم مدخراته الى الدولار الأميركي، على الرغم من تثبيت سعر الدولار لسنوات... إلّا أنّ الدولرة غير الرسمية والجزئية المرتفعة، ترافقت مع إنشاء البنك المركزي لغرفة مقاصة بالعملات الأجنبية، كما سمح للمصارف بتعبئة الصراف الآلي بالدولار الأميركي، مما ساهم في تدفّق الدولار نحو السوق الموازي بشكل غير منضبط، وتمويل المضاربة على الليرة، كونه كان يُسمح لأي مقيم على الأراضي اللبنانية بإيداع مثلاً 150 ألف ليرة لبنانية في حسابه الجاري وسحبها مباشرة 100 دولار أميركي ورقاً، دون أي تدقيق، بسبب التحويل والسحب الورقي لعملة اجنبية لا يمكن طباعتها في لبنان!