dimanche 4 juin 2023

ما من عصا سحرية لمصرف لبنان.. حتى بالدولرة الإصلاح المالي شرط للاستقرار النقدي!...Thursday, 20-Apr-2023

 ما من عصا سحرية لمصرف لبنان.. حتى بالدولرة الإصلاح المالي شرط للاستقرار النقدي!...

https://www.aljoumhouria.com/ar/news/681642/%D9%85%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%B9%D8%B5%D8%A7-%D8%B3%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%81-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%AD%D8%AA%D9%89-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%B4%D8%B1%D8%B7-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF%D9%8A?utm_source=editor&utm_medium=web&utm_campaign=listnews

Thursday, 20-Apr-2023 د. سهام رزق الله

ما من عصا سحرية لمصرف لبنان.. حتى بالدولرة

الاصلاح المالي شرط للاستقرار النقدي!...

د. سهام رزق الله (بروفسورة في كلية العلوم الاقتصادية لجامعة القديس يوسف)

 

منذ بدأ التنامول العلمي للمسألة النقدية في لبنان عبر فتحنا النقاش حول أنظمة سعر الصرف الملائمة للاقتصاديات المصنفة جدا مدولرة والتي لها خصوصياتها في اعتماد السياسات والأدوات النقدية الفعالة  حتى سارع كثيرون لطرح السؤال عما إذا كان النظام الصارم المتمثّل بمجلس النقد أو الدولرة الشاملة الرسمية كافيا لمعالجة الزمة الحالية؟ وحول إمكانية تطبيقه؟ وشروط نجاحه؟ طبعا وسط أزمة متعدّدة الأزجه مالية – نقدية – مصرفية وفي ظل ازدواجية العجز في المالية العامة والحساب الخارجي الجاري، لاتوجد عصا سحرية للمصرف المركزي وحده! حتى الاقرار بسقوط نظام الربط المرن واستحالة تحرير سعر صرف العملة في ظل مستوى دولرة جزئية يفوق ال80% والاعتراف بضرورة ضبط طباعة العملة المحلية عبر نظام مجلس نقد وإلا تأطير الدولرة الشاملة رسميا لا يكفي لاسعادة الدورة الاقتصادية انتظامها ما لم يترافق ذلك مع تصحيح مكامن الخلل الأساسية التي ألقت بثقلها على الوضع النقدي وهي عجوزات المالية العامة التي تحتّم إجراء الاصلاحات الجزرية في القطاع العام والموازنات وقطع الحسابات.. وطبعا إعادة ميزان المدفوعات الى مسار الفوائض التي كان يسجّلهات قبل 2011 أي ضبط مزاريب هروب الدولار واعادة إحياء مصادر إستقطابه...

**********************************

تعتبر الدولرة الجزئية كما هي الحال في لبنان منذ الأزمة النقدية في الثمانينات، مرتبطة من ناحية بعمليات التضخم المفرط الناتج عن طباعة النقد تلبية للحاجات التمويلية لا سيما للقطاع العام في ظل ضعف سائر مصادر التمويل، ومن ناحية أخرى نتيجة التضخم «المستورد» بفعل تدهور سعر الصرف واعتماد الاستهلاك بشكل أساسي على البضائع المستوردة، علماً أنّ الدولرة الجزئية التي تكون في الوقت نفسه مرتفعة وتوقد الى "إزدزاجية العلة" (استخدام مشترك للدولار الأميركي والليرة اللبنانية في نفس الوقت مع طغيان الأول بتفوّق في الأسوق) ولا تشكّل سوى خيارا مرحليا.. وبذلك، تكون الدولرة الجزئية وسيلة لتجنّب عيوب عدم استقرار العملة الوطنية في فترة معينة، وملجأ وسيطاً بانتظار حل جزري: إما استعادة الثقة بالعملة الوطنية ومصداقية سياسة المصرف المركزي وقدرة على تأمين الاستقرار النقدي، التي يجب أن تؤدي تلقائياً الى التحرّر التدريجي من الدولرة والعودة التدريجية للعملة الوطنية، وإما أن تؤدي إلى تعميم دولرة شاملة في حالة صعوبة استعادة الثقة في العملة الوطنية والاستقرار النقدي المنشود، من خلال سياسة الاستقرار التي تتلاءم مع خصوصيات الاقتصاد الوطني.

منذ أزمة الثمانينات في لبنان، شكّل معدّل الدولرة المرتفع تقييدًا أيضًا للمصرف المركزي وسياسة تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، والتي كانت مكلفة للاقتصاد، من دون ضمان الاستقرار الفعلي. والبرهان على ذلك، عدم انخفاض  مستوى الدولرة عن حدود 67% في أفضل الأحوال التي مر بها لبنان حتى في ظل ال 22 عامًا من تثبيت سعر الصرف، فيما كان يمكن الانتقال التدريجي إلى نظام أكثر مرونة ومتماه مع مؤشرات ميزان المدفوعات، وطبعًا بأقل كلفة من العجز الفجائي عن التدخّل وترك الساحة للسوق الموازي، لاسيما منذ بدء تسجيل تراكم عجوزات ميزان المدفوعات منذ العام 2011..

من المعروف في الأدبيات العلمية كما في تجارب البلدان أن نظام الربط الصارم لا ينصح لمجرد حدوث أزمة نق في بلد معيّن إنما يكون لبلدان تشهد أزمة ثقة مزمنة بعملتها وبكل السلطة السياسية والمالية والنقدية يتزامن ذلك مع أزمات سياسية وجيوسياسية وأحيانا أزمة هوية ودولرة جزئية مرتفعة وضعق في الاقتصاد وتركّزه على الحدمات أكثر منه الانتاج وامكانيات التصدير... والدولرة الشاملة غير الارسمية تكون عادة مرتبطة بفترات صراع وأزمات تعرّض السيادة للخطر ، كما حدث في تيمور الشرقية وكوسوفو قبل عام 2000. فيما تظهر التجارب الدولية أن الدولرة الشاملة الرسمية تكون أكثر نجاحا وغالبا ما تتبع فترة الدولرة غير الرسمية التي تفرض نفسها كأمر واقع تتقبّله وتنظّمه السلطات الرسمية، كما حدث في إكوادور في عام 2000. ويمكن إدخالها مباشرة مع ظهور كيان سياسي جديد (الجبل الأسود وكوسوفو في عام 2002).

فالدولرة الشاملة تتميز بطابعها النهائي (غير القابل تقريبًا للرجوع عنه). واذا كانت تنبع المزايا الرئيسية للدولرة من صدقيتها في الدولرة الكاملة، مرادفة بالنسبة للدولة لخسارة أرباح طباعة العملة الوطنية seigneuriage (الناتج بشكل أساسي من الفرق بين تكلفة إنتاج العملات المعدنية والورقية وقوتها الشرائية، وهي عملياً، إذا تجاهلنا الحدّ الأدنى من تكلفة طباعة الأوراق النقدية والصناعة المعدنية، تصبح تساوي الزيادة في حجم العملة الوطنية المتداولة). فضلاً عن كون الدولرة الكاملة تلغي دور المصرف المركزي الوطني كملاذ أخير للإقراض المصرفي.. وبالتالي تجعل البلد المعني بالدولرة الشاملة والرسمية يخسر «السيادة النقدية» المتمثّلة بالعملة الوطنية، وهي الى جانب العلم، تمثّل رمز استقلال وسيادة الوطن، وهنا يصبح للموضوع أبعاداً أوسع من الناحية النقدية البحتة.

من بين مزايا الدولرة الكاملة ، نستشهد أيضًا باستحالة استمرار القادة في اتباع سياسات مالية توسعية تؤدي إلى حدوث تضخم. من خلال التخلي عن امتياز طبع النقود ، لم يعد بإمكان الدولة اللجوء إلى طباعة النقود لتمويل عجزها. فهي ملزمة بخفض الإنفاق العام أو زيادة الإيرادات (أو اختيار مزيج من الاثنين) ، أو حتى تفعيل برنامج الخصخصة أو أقله مشاركة القطاع العام والقطاع الخاص في إدارة المرافق والخدمات التي لا تزال عامة كليا. على أي حال ، يخاطر القادة بتقلص الطلب المحلي وحرمان أنفسهم من حرية التدخل في الاقتصاد.

هل بإمكان السلطات العامة الالتزام بالإصلاح المالي المطلوب وضبط المالية العامة؟ الحؤول دون العجز المالي وتزايد الدين العام لعدم الاضطرار الى اللجوء مجددا الى حاجة طباعة العملة خاصة أن مجلس النقد او الدولرة الشاملة يمنعان ذلك؟؟ هل بالإمكان قبول تحدي القيام بإصلاح القطاع العام باتجاه تخفيض جزري لحجمه الهائل والمصاريف الجارية التي يتسبّب بها لا سيما منها الرواتب والأجور.. هل السلطة السياسة تلتزم بتحدي ضبط التهرّب الضريبي والتهريب عبر الحدود؟ هل النية والامكانية موجودة لإعادة إنتظام الموازنات وقطوعات الحسابات؟

لوحظ أن الإنفاق العام تميز خلال سنوات الحرب بالفوضى وانعدام السيطرة المركزية. خلال هذه الفترة ، لم تكن الدولة تعرف بشكل دقيق لا مقدار نفقاتها ولا ناتج إيصالاتها ، ولهذا توقفت عن إغلاق حسابات الموازنة من 1979 إلى 1993.

توقف نشر حسابات الموازنة على النحو الذي أقره الدستور وقانون الحسابات العامة استمر من 1979 حتى 1993. إذا اضطرت الدولة إلى اللجوء إلى الديون الخارجية والداخلية لتمويل تطوير المشاريع التي توقف تنفيذها على مجرى الأحداث.

وأدت خاتمة فترة الحرب في عامي 1989 و 1990 إلى تفاقم وضع المالية العامة بشكل حاد. أدى انخفاض الإيرادات الضريبية إلى اعتماد الخزينة العامة ، بالإضافة إلى الديون ، على أرباح مصرف لبنان التي يتم تحويلها إليه بموجب قانون النقد والتسليف. بلغت حصة أرباح مصرف لبنان في تمويل الخزينة حوالي 62٪ من إيرادات الموازنة في عام 1989 و 38.5٪ من إيرادات الموازنة في عام 1990.ويبقى القول أنه في نهاية العام 1992 كان مجموع الدين العام الثابت المتوجب على الخزينة اللبنانية يعادل نحو 3 مليارات دولار أميركي منه 327.5 مليون دولار أميركي والباقي بالليرة اللبنانية.

وباحتساب كلفة خدمة هذا الدين العام على أساس معدلات الفائدة السنوية المعتمدة لدى مصرف لبنان على مدى السنوات 1992 -2011 والمدفوعة من الخزينة اللبنانية، فإنّ تلك المبالغ المتوجبة في نهاية العام 1992 وبعد إضافة الفائدة المتجمعة على مدى كل سنة بين عامي 1992 و 2011 بلغت 30 ألف مليار ليرة لبنانية. كذلك ارتفع الدين بالدولار الأميركي بفعل تراكم الفوائد على رصيد الدين العام، فيما كان قطاع الكهرباء يراكم سلفات بالدولار الأميركي وفوائد عليها واستمرت الكهرباء بتسجيل عجز مالي سنوي بحوالي 2 مليار دولار وتتراكم عليها الفوائد ...

وما لحق أن انتظم عمل المالية العامة منذ عام2003 حتى عام 2005 حتى عاد وتوقّف إقرار الموازنات من عام 2005 حتى عام2017 وتماستعادته بعدها بغياب نشر قطوعات الحسابات التي تعكس الأرقام الفعلية...

وبذلك يتبيّن تخطّي السلطات العامة لقانون النقد والتسليف والالتفاف على المادة 13 من التي تقرّ باستقلالية المصرف المركزي المالية ثم المواد 91 و 92 التي تؤكد على إمكانية تمسّك المصرف المركزي بتفادي التمويل المباشر لعجوزات المالية العامة حتى "في ظروف استثنائية الخطورة او في حالات الضرورة القصوى، اذا ما ارتأت الحكومة الاستقراض من المصرف المركزي، تحيط حاكم المصرف علما بذلك.

يدرس المصرف مع الحكومة امكانية استبدال مساعدته بوسائل اخرى، كاصدار قرض داخلي او عقد قرض خارجي او اجراء توفيرات في بعض بنود النفقات الاخرى او ايجاد موارد ضرائب جديدة الخ

وفقط في الحالة التي يثبت فيها انه لا يوجد أي حل اخر, واذا ما اصرت الحكومة، مع ذلك، على طلبها، يمكن المصرف المركزي ان يمنح القرض المطلوب.

حينئذ يقترح المصرف على الحكومة، ان لزم الامر، التدابير التي من شأنها الحد مما قد يكون لقرضه من عواقب اقتصادية سيئة وخاصة الحد من تأثيره, في الوضع الذي اعطي فيه، على قوة النقد الشرائية الداخلية والخارجية.

كذلك لا بد من التذكير بالمادة 113 لقانون النقد والتسليف التي تنصّ على لأنه يتألف الربح الصافي لمصرف لبنان من فائض الواردات على النفقات العامة والاعباء والاستهلاكات وسائر المؤونات.

يقيد 50% من هذا الربح الصافي في حساب المصرف المركزي يدعى "الاحتياط العام" ويدفع 50% الى الخزينة. عندما يبلغ الاحتياط العام نصف رأسمال المصرف يوزع الربح الصافي بنسبة 20 % للاحتياط العام و80 % للخزينة.

واذا كانت نتيجة سنة من السنين عجزا، تغطى الخسارة من الاحتياط العام وعند عدم وجود هذا الاحتياط او عدم كفايته تغطى الخسارة بدفعة موازية من الخزينة (وهو ما تمّ تجاهله كليا من قبل السلطات المعنية عند الحديث عن "فجوة مصرف لبنان" دون تحمّل أي مسؤولية بتغطيتها).

 

واذا اصبح رصيد حساب "الاحتياط العام" من جراء اقتطاع مبلغ بموجب الفقرة السبقة، اقل من نصف الرأسمال يجري توزيع الربح الصافي مجددا بنسبة 50% لهذا الحساب و50%  للخزينة، الى ان يبلغ الحساب مجددا نصف الرأسمال.

 

تدور الاعتراضات التي تمت صياغتها ضد الدولرة الشاملة حول خمسة أنواع من الحجج: فقدان استقلالية السياسة النقدية، والتخلي عن سياسة سعر الصرف ، واختفاء المقرض الملاذ الأخير ، والحد من الأدوات المضادة للتقلبات الاقتصادية الدورية.

وسط انهيار بهذا الشكل وتقلّص الاحتياطات بالدولار الى حدود 9 مليارات دولار ونصف، أي ما يغطي حتى ستة أشهر استيراد فقط، يجعل من الصعب ايجاد حلول مثالية. أي مخرج سيكون له فوائده وتكاليفه ولكن لا يمكن الاكتفاء  بالشق النقدي لمصرف لبنان كلاعب وحيد بل  يحتاج لإصلاحات مواكبة.

___________

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire